غزة… حين تصبح الدار وطنًا والحنين صلاة

غزة… حين تصبح الدار وطنًا والحنين صلاة

رحت أبوس الدار بلاطة بلاطة“… هكذا كتبت الصغيرة في رسالة بريئة، تختصر وجعًا عمره أكثر من سبعة عقود. لم تكن كلماتها مجرد حنين إلى بيت غابت عنه ثلاثة أيام في عطلة عائلية، بل كانت نبوءة طفلة تعرف بالفطرة معنى أن يكون للدار روح، وللحنين وجه يشبه التراب.

في غزة، البيوت ليست جدرانًا وأسقفًا، بل ذاكرة، نبض، قطعة من الروح. حين يسقط بيت في الحرب، لا يسقط حجر فقط، بل تسقط ذكريات الطفولة، رائحة القهوة في الصباح، ضحكة الأم، ونداء المؤذن الذي يتردد بين الأزقة الضيقة. يصبح الركام شاهدًا على ما تبقى من حياة، وعلى ما لم يعد ممكنًا ترميمه.

غزة اليوم ليست مدينة محاصرة بالنار فقط، بل محاصرة بالحنين أيضًا. كل غزّيّ يحمل في قلبه بيتًا، حتى لو لم يبقَ منه سوى المفتاح. يفهم معنى الخسارة حين يرى بيوت الجيران تتحول إلى غبار، ويعرف أن الحرب لا تسرق الأرواح فقط، بل تسلب الإحساس بالأمان، بأبسط تفاصيل الحياة.

لكن الغزِّي، رغم كل شيء، يعود ليحضن بيته، حتى لو صار رمادًا. يزيح الركام بيديه، ينظف البلاطة التي كانت مدخل الدار، ويقول: “هنا كنا… وهنا سنعود”.
في غزة، الدار ليست مكانًا للسكن فقط، بل ميثاق حبٍّ بين الإنسان والأرض. فقدها ليس فقرًا في الجدران، بل يُتم في الروح.

هي ليست حربًا على مدينة، بل على ذاكرة جماعية، على دفءٍ اسمه البيت. ومع ذلك، تظل غزة تقاوم، تزرع الياسمين فوق الرماد، وتُعلِّم أطفالها أن الحنين ليس ضعفًا، بل وعدًا بالعودة.

غزة لا تموت… لأنها تعرف أن الدار التي تُبكى، لا تُنسى.

 

 

May be an image of ‎text that says '‎< E Ekhlass at 20:24 at 2021 8, Jan روحت ابوس الدار بلاطة بلاطة حضنت تختي اعتذرت لاوضتي عدت لاحضان بيتي‎'‎