×

إعلان المجاعة في قطاع غزة وما يستوجبه من مسؤوليات قانونية وفق أحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة

إعلان المجاعة في قطاع غزة وما يستوجبه من مسؤوليات قانونية وفق أحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة

إعلان المجاعة في قطاع غزة وما يستوجبه من مسؤوليات قانونية وفق أحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة

في ضوء التقارير الصادرة عن جهات أممية معنية بالأمن الغذائي، وعلى رأسها “شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة” (FEWS NET) وبرنامج الأغذية العالمي، والتي تؤكد بلوغ قطاع غزة المرحلة الخامسة – وهي الأخطر – من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، واعتباره فعليًا منطقة مجاعة، فإن دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، بصفتها الجهة الرسمية المعنية برصد وتوثيق الانتهاكات الواقعة على الشعب الفلسطيني، توضح الآتي:

 

أولًا: الوضع القانوني لقطاع غزة كإقليم خاضع للاحتلال

 

يُعدّ قطاع غزة جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويخضع للقواعد الخاصة بالحماية الواردة في اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، باعتبارها المرجعية الأساسية في حماية السكان المدنيين تحت الاحتلال. وتنص المواد (55) و(59) و(147) على وجوب قيام القوة القائمة بالاحتلال بتأمين المواد الغذائية والإمدادات الطبية للسكان، وتحظر استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب. كما يعتبر الإخلال بتلك الالتزامات من الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى جرائم حرب.

ثانيًا: التجويع جريمة بموجب القانون الجنائي الدولي

يُجرّم نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (8/2/ب/25) استخدام التجويع كأداة حربية، بما يشمل كل سلوك من شأنه حرمان السكان المدنيين من المواد الضرورية لبقائهم، أو عرقلة وصول المساعدات الإنسانية المخصصة لهم.

وبالنظر إلى ممارسات الاحتلال، والتي شملت فرض حصار شامل، ومنع دخول الإمدادات، واستهداف المنشآت الصحية والغذائية، فإن تلك السياسات تشكّل نمطًا ممنهجًا من التجويع المتعمّد، يرقى إلى مستوى جريمة حرب يُعاقب عليها دوليًا.

ثالثًا: التزامات المجتمع الدولي وفق مبدأ “المسؤولية عن الحماية” (R2P)

إن الاعتراف بوقوع مجاعة في قطاع غزة يستدعي تفعيل الالتزامات المترتبة على المجتمع الدولي بموجب مبدأ “المسؤولية عن الحماية”، الذي أقرته قمة الأمم المتحدة عام 2005. ويُلزم هذا المبدأ الدول الأعضاء باتخاذ إجراءات جماعية، سلمية أو غير ذلك، في حال تقاعس السلطات القائمة فعليًا عن حماية السكان من الجرائم الفادحة، ومن ضمنها الجرائم ضد الإنسانية المتمثلة في التجويع الجماعي.

رابعًا: المطالب القانونية العاجلة

بناءً على ما تقدم، تدعو دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية إلى ما يلي:

1. تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتقصي الحقائق حول استخدام التجويع كأداة ضد المدنيين في غزة.

2. إحالة الوضع في غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وفق المادة (13) من نظام روما الأساسي، لمحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة.

3. فرض عقوبات قانونية ودبلوماسية على الجهات أو الدول التي تسهم في إدامة الحصار أو تعيق إدخال المساعدات الإنسانية.

4. تأمين ممرات إنسانية آمنة تحت إشراف دولي فوري، تضمن دخول الغذاء والدواء للسكان دون عراقيل.

5. تحميل دولة الاحتلال المسؤولية الدولية الكاملة عن نتائج هذه الكارثة، بما في ذلك تعويض الضحايا وتقديم ضمانات لعدم التكرار.

خاتمة

إن الاستمرار في تجاهل هذا الوضع الإنساني الكارثي، رغم توفّر جميع المؤشرات القانونية والإنسانية الدالة عليه، لا يعدّ تقصيرًا أخلاقيًا فحسب، بل يمثل إخلالًا جسيمًا بالواجبات الدولية ويعزز ثقافة الإفلات من العقاب. إن إعلان المجاعة ليس مجرد توصيف إنساني، بل هو إعلان عن جريمة مستمرة تستدعي تحركًا عاجلًا وفاعلًا على المستوى الدولي.

 

دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني

منظمة التحرير الفلسطينية

التاريخ: 7 أيار/مايو 2025

 

 

 

 

إعلان المجاعة في قطاع غزة وما يستوجبه من مسؤوليات قانونية وفق أحكام القانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة

إرسال التعليق