
تسليم قلعة صفد لصلاح الدين الأيوبي ، في شهر رمضان من عام 584 هـ (1188 م)، شهدت مدينة صفد حدثًا تاريخيًا بارزًا، حيث سلّم فرسان الهيكل الصليبيون قلعة صفد للقائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، بعد معركة طويلة ضمن حملته لاستعادة مدن الشام من السيطرة الصليبية. وقد جاء هذا الاستسلام نتيجة للانتصارات المتتالية التي حققها صلاح الدين، لا سيما بعد معركة حطين التي غيّرت موازين القوى في المنطقة.
خلفية المعركة وأهمية القلعة
كانت قلعة صفد من أبرز الحصون الصليبية في بلاد الشام، نظرًا لموقعها الاستراتيجي الذي كان يربط بين الساحل الفلسطيني والداخل الشامي. وبالتالي، شكلت القلعة حاجزًا دفاعيًا قويًا للصليبيين ضد المسلمين. ومع ذلك، فإن سقوطها كان متوقعًا بعد الهزائم المتلاحقة التي تكبدتها الجيوش الصليبية، خاصة بعد فقدانهم بيت المقدس لصلاح الدين عام 1187 م.
ظروف الاستسلام وأبرز تفاصيله
بحسب المصادر التاريخية، حاصر صلاح الدين القلعة لأشهر عدة، مما أدى إلى إنهاك القوات الصليبية داخلها. وبحلول رمضان، تفاقمت أوضاع الحامية الصليبية، حيث نفدت الإمدادات الغذائية والمياه، ما أجبرهم على طلب التفاوض. في النهاية، تم الاتفاق على تسليم القلعة مقابل السماح للفرسان الصليبيين بمغادرة المدينة بأمان.
علاوة على ذلك، حرص صلاح الدين على تطبيق مبادئ التسامح الإسلامي،
حيث سمح للمدافعين بالمغادرة دون التعرض للأذى، وهو موقف تكرر في أحداث مشابهة خلال حروبه مع الصليبيين.
وقد ساهم هذا النهج في تعزيز صورة المسلمين كقوة عادلة، على عكس المذابح التي ارتكبها الصليبيون عند احتلالهم للمدن الإسلامية.
التأثيرات والتبعات التاريخية
كان استسلام صفد نقطة تحول في الصراع الإسلامي-الصليبي، إذ أدى إلى انهيار المزيد من الحصون الصليبية،
وساهم في تعزيز نفوذ المسلمين في المنطقة. إضافة إلى ذلك، فقد شكلت القلعة قاعدة عسكرية مهمة ساعدت في التصدي للحملات الصليبية اللاحقة.
الخاتمة
مثل تسليم قلعة صفد لصلاح الدين نصرًا استراتيجيًا مهمًا في استعادة الأراضي الإسلامية.
كما أبرز قدرة القائد الأيوبي على تحقيق الانتصارات العسكرية والدبلوماسية، مما جعل اسمه خالدًا في التاريخ الإسلامي كرمز للقوة والعدل.